باب : ماجاء في (اللو)

موضوع: باب : ماجاء في (اللو) 2010-05-20, 3:56 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المدخل : قول (لو) على وجه التسخط والأعتراض على القضاء والقدر من المحرمات المنقصة لتوحيد العبد . فالواجب اجتنابها والتسليم للقدر .

1- قول الله تعالى : (( ... يَقُولُونِ لَو كَانَ مِنَ الأَمرِ شَئُ مًا قُتِلنَا هَـهُنًا ... الآية )). (سورة آل عمران : آية 154) .
2- وقوله تعالى Sad

( الًذِنَ قَالُوا لإخوًنِهِم وَقَعَدُوا لو أطاعُونًا مًاقُتِلُوا ... الآية )) (سورة آل عمران : آية 168 ).

معاني المفردات :

قالوا لإخوانهم : قال المنافقون للمسلمين ، وسُمًي المنافقون إخواناً للمسلمين ؛ لآنهم وافقوهم في إظهار الإسلام .
قعدوا : تخلفوا عن الجهاد .

عناصر الدرس :

اولاً : حكم استعمال (لو):

- استعمال (لو) على نوعين :
1- جائز : إذا استُعملت على امرِ مستقبل ، او على امر ماضِ ، وحمل عيها الرغبة في الخير والإرشاد والتعليم .
مثال : (( لو رزقني الله مالاً لأنفقته في وجوه الخير )) ، ((لو حضرتُ المحاضرة البارحة لاستفدتُ )).
2- محرم : إذا استعملت على امرِ ماضِ على وجه التسخط والإعتراض على قضاء الله وقدره .
مثال : ((لو اني لم اسافر لما وقع لي حادث ))
وهذا النوع هو المراد في هذا الباب
وحكم هذا النوع : انهُ من المحرمات المنقصة لتوحيد العبد .

ثالنياً : قول (لو) في الأمور المقدرة من سمات المنافقين :

ذم الله سبحانه - في الآية الأولى - ما حصل من المنافقين في معركة احد من الإعتراض على قدر والتسخط لما وقع بهم من الهزيمة والقتل . (يَقُولُونِ لَو كَانَ مِنَ الأَمرِ شَئُ مًا قُتِلنَا هَـهُنًا) ، فرد الله على المنافقين : بأنه سبحانه إذا كتب القتل على احد لن ينفعه تحصنه في بيته . (قُل لًو كُنتُم ِفي بُيُوتِكُم لَبَرَزَ الًذِينَ كُتِبَ عَلَيهِمُ القَتلُ إِلَى مَضَاجِعِهِم) . (سورة آل عمران 154 ).
كما اخبر سبحانه ان المنافقين يقولون لمن خرج مع الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المعركة : (لَو أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا) ، فرد الله على المنافقين : ادفعوا عن انفسكم الموت ان كان الحذر يمنع من وقوع القدر . (قُل فَادرَءُوا عَن أَنفُسِكُمُ المَوتَ إن كُنتُم صَدِقِينَ) . (سورة أل عمران : آية 168 ).
فدلت الآيتان على : ان قول (لو)لتسخط والتحسر والاعتراض على القدر امر محرم ، وانه من سِمات المنافقين .

3- في الصحيح عن ابي هريرة - رضي الله عنه - : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( احرص على ما بنفعك واستعن بالله ولا تعجزن ، وإن اصابك شيء فلا تقل : لو اني فعلت كذا كان كذا وكذا ، ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل . فإن (لو) تفتح عمل الشيطان )

معاني المفردات :

احرص : الحرص : هو بذل الجهد واسفراغ الوسع .
ولا تعجزن : لا تترك العمل وتركن إلى الكسل متًكِلاً على القدر .

عناصر الدرس :

اولاً : الحث على بذل الجهد والاستعانة بالله :

يأمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلم بالحرص على فعل الأسباب التي تنفعه في دنياه وأُخراه , قال صلى الله عليه وسلم : (واستعن الله ) . وقد كان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم : (اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).

ثانياً : الحذر من العجز والبطالة :

نهى صلى اللهعليه المسلم عن ترك العمل والركون إلى الكسل واليأس متكلاً على القدر ، قال صلى الله عليه وسلم : (ولا تعجز).

ثالثاً : النهي عن قول (لو)عند وقوع المصائب :

إن المسلم إذا حصل له مطلوله بعد فعل الأسباب مع الاستعانه بالله ؛ يحمد الله على توفيقه إياه .
وإن لم يحصل له مطلوبه فلا يقل ( لو اني فعلت كذا لكان كذا وكذا ) ؛ لآن ذلك من المحرمات المنقصة لتوحيد العبد . فكلمة (لو) تفتح باب التسخط والأعتراض على قضاء لله وقدره .
مثال ذلك : التاجر المسلم إذا أخذ بالأسباب المشروعة ، ثم وقعت له خسارة في تجارته ، فلا يقل : لو اني بعت هذه البضاعة في مكان كذا او وقت كذا لربحت ، ولكن يقول : قدر الله وماشاء فعل .

رابعاً : المؤمن لا يتحسر على شيء فات :

المؤمن يعلم ان كل شيء يقع في هذا الكون بقضاء الله وقدره ، قال صلى الله عليه وسلم : (كتب الله مقادير الخلائق قبل ان يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة). فإذا وقع له ما يحزنه من مصائب او امراض فعليه ان يصبر ويحتسب الثواب على الصبر ، ويوقن بأن الله قد قدرها فيطمئن قلبه وينشرح صدره .
إن الواجب على العبد إذا فاته امر يريده ألا يتحسر ويندم ، ويقول : (لو اني فعلت كذا لكان كذا وكذا) . فقدر الله ماضِ وما شاءه سبحانه كائن ، وما لم يشأه لا يكون .

منقول من كتابي التوحيد